يتمتع أهل الصعيد في مصر بثقافة تميزهم حيث تسيطر عليها بعض المعتقدات والعادات التي ما زال البعض يؤمن بها ، ومن تلك المعتقدات ما يوصف بـاسم "الأطفال القطط"، إذ يؤمنون بأن التوأمين من الأطفال تخرج أرواحهم ليلاً بهيئة قطط فيسرحون في البيوت والأماكن المجاورة لها ويأكلون كل ما يروقهم و يتلفون الباقي ، وفي بعض الحالات قد يخططون للإنتقام من شخص أهانهم أثناء النهار فيقومون بإتلاف طعامه أو سرقته ، كما يعتقد البعض أيضاً بأن الطفل يموت (يفقد روحه) إذا قام أحد بإيقاظه بينما لا تزال روحه هائمة ومتجسدة بهيئة قط.
قصة 1
يحكى أن أحداً من التوأمين كان يدعى بـ "القط"، وسرى إعتقاد بأن روحه تخرج ليلاً علي هيئة قطة وذات مرة كانت إحدى جاراتهم تعد أكلة سمك ، فطلب منها "القط " الذي كان لا يزال طفلاً ، أن تعطيه بعض السمك و لكنها رفضت ، في تلك الفترة لم تكن الثلاجات منتشرة كثيراً أو مستخدمة بين الناس و لذا قامت الجارة بوضع إناء (زبدية )السمك أسفل طشت الغسيل و وضعت عليه بعض الثقل لتثبيته ، وفي صباح اليوم التالي فوجئت الجارة بالطشت مزاحاً عن مكانه والسمك مأكول نصفه والباقي كان ملقى علي الأرض و مداس في التراب ، خرجت الجارة لتبحث عن "القط " فقال لها أنه هو من أكل السمك ليلاً و أتلف لها الباقي لأنها رفضت إعطائها منه !، ويجدر بالذكر هنا أنه كان من الشائع في صعيد مصر تسمية أحد التوأمين بـ"القط "إ شارة إلي المصير الذي ينتظره !
قصة 2
السيدة (ف.أ) تعمل معلمة في أحد المدارس وكانت قد أنجبت تؤامين في ثاني ولادة لها بعد ابنتها الكبرى (نهى) لكن أحد التوأمين توفي بعد ولادته مباشرة و بقي الآخر (محمد) وهو في الصف الأول الإبتدائي الآن، كانت الطفلة نهى هي أول من عرف بأن أخيها تخرج روح ليلاً علي هيئة قطة ، إذ حكت أمها أن (نهى) سمعت ذات ليلة صوت جدتها من أسفل وهي تطارد قطة و تحاول ضربها ، فتركت جوار أمها ونزلت إلى جدتها وقالت لها :"أمانة يا ستي لو شفتي قطة ما تضربيهاش "، فلما سألتها عن السبب قالت لها :"لأن أخويا محمد بيطلع بالليل قطة "، و طبعاً لم تصدق الأم هذا الكلام غير أنها بقيت الليل مستيقظة لتتحقق من الأمر بنفسها ، فلاحظت عند منتصف الليل أن جسد (محمد) قد برد فجأة ، فحاولت إيقاظه فكان يزوم بطريقة غريبة (إرتعاش الشفة السفلى او قضمها كعلامة على الضيق) و يرفض الإستيقاظ وخلال محاولاتها لمحت قطة سوداء صغيرة تعبر من تحت عقب باب غرفة النوم المغلقة!
القطط في ثقافة المصريين
القطط لها تاريخ طويل مع المصريين خصوصاً مع أهل الصعيد إذ كان قدماؤهم يقدسونها باسم "باستت " ووصل بهم الأمر إلى تحنيطها بعد موتها، وما زال العديد من أهل الصعيد يعتقدونبأن روح الإنسان القتيل تخرج على هيئة قطة سوداء بدون ذيل ،كما يعتقدون أيضاً بأن الوسيلة الوحيدة لعلاج التؤامين من هذه الحالة هي ما يطلقون عليه إسم (تحسيب أو تحصين الأطفال)و تتم بأن يؤخذ التؤام (سواء أكانوا واحداً أم أثنين) إلي ضريح أحد المشايخ قبل أن تصل أعمارهم لسن 40 يوماً و يضعوهم تحت التابوت (المقصود هنا هو غطاء التابوت بالتحديد) ومن ثم قراءة آيات من القرآن الكريم عليهم.
صعيد مصر
صعيد مصر أو مصر العليا هي منطقة في مصر تمتد من جنوب مدينة القاهرة (مدينة العياط) إلى جنوب مصر بما يعرف بمنطقة الشلالات .ويطلق بعض الأحيان على الجزء الشمالي من الصعيد "مصر الوسطى" وهو يمتد من العياط لحد سوهاج. قدماء المصريين كانوا يصفون الصعيد بعبارة "تا شيماو " (Ta Shemau) و التي تعني أرض القصب (البوص).
Post a Comment